إنّ صيت محمد ذاع في مكة و ’عرف بأمانته و ِصدقه فسمعت به خديجة بنتخويلد فأرادت أن يتكفل بتجارتها لأنها ذات نسب عريق فهي تلتقي في النسب مع النبي فيجدها السادس و ذات جاه و لكن لا أحد يعولها في تجارتها بعد وفاة زوجها الأول ثمالثاني اللذان لم ’تنجب منهما الأطفال فخرج سيدنا محمد في تجارة خديجة مع ’غلامهاميسرة الذي أخذ ’يراقبه و قد نجح سيدنا محمد و عاد إلى خديجة ’محملا لها أرباحا لمتتخيلها و لم تتو قعها أبدا فسمته الأمين و ’أعجبت بشهامته و أخلاقه التي ’عرف بهاخاصة بعدما حدث في حادثة إعادة بناء الكعبة يومها خرج الوليد بن المغيرة و أخذالمعول و بدأ الحفر ففرت الناس إلى بيوتها خائفين أن يحدث لهم مثلما حدث مع أصحابالفيل لكنه لم يحدث شيء فتأخذ كل قبيلة ركن من أركان الكعبة لتثبيت الحجر إلاّ أنهملم يتفقوا في وضع الحجر الأسود فالكل يقول أنا ثم اتفقوا أخيرا على أن يحتكم بينهمأول من يدخل الكعبة فيدخل الرسول فيقول الجميع إنه محمد الأمين و ارتضيناه حكمافيجلب عباءته و يضع الحجر داخلها فيمسك كل واحد منهم طرفا حتى لا يتضاربوا فيساعد فياتفاق القبيلة و عدم شِقاقهم كل هذا جعل خديجة تتعلق به و تتقصى أخباره من ’غلامهاميسرة الذي لم يتردد في إخبارها عما عرفه عنه فقال لها أنه لم يرى أحدا من قبليتوافد عليه الزبائن مثله لأنه ’يحسن البيع و ’يسهله و كما أخبرها أنه استغرب لحادثةحدثت له و هي أنّ سيدنا محمد جلس إلى جذع شجرة فحوطته و ضللته و قد أخبره رجل يعرفالتوراة انه لا يجلس إلى تلك الشجرة إلاّ نبي أخر الزمان فتعجبت خديجة و لكنها فينفس الوقت ’أعجبت به فسألت عنه قريبته فتفطنت القريبة أنّ خديجة تريد الزواج منهفسألتها إن كانت ترغب بالزواج به فأجابتها بنعم فطمأنتها القريبة أن تكون وسيطةبينها و بين الرسول فذهبت القريبة إلى محمد و سألته قائلة فيما رأيك في خديجة بنتخويلد كزوجة فقال أوا تقبل أن تتزوجني فتظاهرت القريبة بعدم المعرفة و قالت أسألهاو سارعت إلى خديجة لتبشرها بجواب الرسول بالقبول فقبلت خديجة فخطبها سيدنا محمد وعمره 25 و خديجة ذات 40 سنة فعاش معها أجمل قصة حب على وجه الأرض فعاشا بكل سعادة وتفاهم و حب
ولما بلغ سيدنا محمد 38سنة بدأ الله ’يمهد له و َيعده للنبوة فأخذيسمع الحجر و الشجر تسليمها عليه و لكن عندما يلتفت لا يسمع شيئا كما أخد يرى رؤىفي الليل و تتحقق في الصباح و أخذ يتكرر معه هذا كثيرا في 6 أشهر الأخيرة قبلالنبوة هذا ما جعله يختلي كثيرا بنفسه بعدما اكتنز الحياة المادية أقبل على استشعارقدراته الروحانية بطاعة الله فكان غار حراء هو الملاذ أين كان يستغرق فيه ذواتالعداد أي ما ’يقارب 10 ليال و هو يتعبد في الغار بالتفكر في الخلق فتفكر ساعة خيرمن قيام ليلة لأن الحياة كسهم واحد إن أطلقته و أصاب الهدف فمبروك لك أمّا إن تناحعن الهدف فلا فرصة بعدها
و لما بلغ الرسول 40سنة صار يتردد كثيرا على الغار وذات مرة نزل عليه ملك من السماء و قال اقرأ فقال محمد ما أنا بقارئ فأعادها عليهالملك مرة أخرى إقرأ فأجاب محمد ما أنا بقارئ فقال الملك "اقرأ باسم ربك الذي خلقخلق الإنسان من علق " فارتعب سيدنا محمد و خاف و ذهب إلى بيت خديجة و قد أصابتهالحمى فقال لها زَملوني دثروني فترد خديجة ما بالك يا ابن العم فيقول الرسول لقدخشيت على نفسي فتجيب خديجة كلا و الرب لا يخزيك أبدا فإنك لتصل الرحم و تحمل الكلّالضعيف و ’تكسب المعدوم و تكرم الضيف و تعين على نوائب الحق فيهدأ النبي لأن خديجةقامت بتثبيته و سمعته دون أن تأنبه و ذكرته في أخلاقه
ثم أخذته من يده إلى ابنعمها ورقة بن نوفل الذي يعتبر المسيحي الوحيد في مكة الأكثر دراية في الدين و ذلكحتى تستشيره فتقول يا ابن العم اسمع منه فيسمع ورقة فينبهر و في نفس الوقت يبتسم ويقول يَا محمد إنك لنبي آخر الزمان و نبيّ هذه الأمة و قد أتاك الناموس الذي أتىموسى و إنّ قومك ليكذبونك و يأذونك و يقاتلونك و ’يخرجوك من بلادك فليتني أكون جدعاإن يخرجوك قومك أنصرك نصرا مؤزرا إن ’يدركني يومك فيقول الرسول أمخرجوني هم فيقولورقة نعم و أمّا الذي أتاك أمس فهو جبريل فسكت الرسول و خرج مع خديجة فأوقفها ورقةو قال لها قولي له أن يثبت ، إلاّ أنه بعد أيام قليلة يموت ورقة بن نوفل فيمر أسبوع ولم يظهر جبريل و ذلك حتى يستوعب الرسول الفكرة للاستجابة و بعد أسبوع يرى الرسولجبريل على كرسي بين السماء و الأرض فيقول له يا محمد أنت رسول الله و أنا جبريل ملكمن السماء فيأخذه و يخرج به إلى الصحراء فيضرب بجناحيه فينشق نبعان من الماء فيالأرض فيعلمه الوضوء ثم الصلاة و يقول له افعل كما افعل ركعتين في الصباح و ركعتينفي المساء ثم ينزل عليه ب3سور بعد العلق و هم المزمل _ المدثر و الفاتحة أي علم_ طاقة روحية فتحرك على أساس المنهج
ثم يتوقف الوحي شهرين لا ينزل على الرسولووقتها تأثر الرسول و خاف أن يكون الله قد استغنى عنه أو استبدله ، ثم عليه ينزل جبريلبسورة الضحى للإشادة بقيام الليل و يقول الرسول لأب ذر إذا أردت سفرا ألا ’تعد لهالعدة فما بالك بطريق يوم القيامة و عقاباته فأحكم السفينة فإن البحر عميق و أكثرالزاد فإن الطريق طويل فصم يوما شديد الحر لحر يوم القيامة و قم ليلة شديدة الظلماءلظلمة القبور و حج حجة لعظائم الأمور
و هكذا تبدأ دعوة الرسول ب 3اشخاص فيختارالمتميزين مع أخلاقهم العالية فيكون اختياره على رجل_امرأة _ طفل أمّا الرجل فهوصديقه أبو بكر الصديق و أمّا الطفل علي بن أبي طالب و أمّا المرأة فزوجته خديجةالطائعة_الصالحة و الصابرة أما الأولى و الثانية لأنها أول من صدقت الرسول و أدتالشهادة كما أنها أعانت الرسول في نشر رسالته بكل ما تملك من أموال و أمّا الصابرةلأن الله أكرمها إنجاب الأطفال للرسول فأنجبت له " أم كلثوم_رقية_فاطمة و زينب التيماتت و هي لا تزال حية فصبرت لفراقها كما صبرت أيضا لفراق أولادها" القاسم_الطاهر _ عبد الله و الطيب و هم لا يزالون أطفالا صغارا و هذه حكمة من الله لا نعرفها
ومن الحوادث التي أيضا تدل على صبرها هو كونها واحدة من اللذين اخرجوا من منازلهم وجردوا من أملاكهم و أعرضوا للجوع و العطش لمدة 3سنوات في شعب بني طالب رغم أنّ أهلهاحاولوا دفع فدية عنها لكنها رفضتها و فضلت أن تتقاسم العذاب مع أهلها و جميعالمسلمين فكانت عزيزة النفس فأعزها الله و رسوله الذي لم ’يحب امرأة قط مثلما أحبها وقد توفيت رضي الله عنها في حضن الرسول و قبل ذلك نزل جبريل من السماء و لكن لأول مرةينزل برسالة ليست قرآن و إنما هي قراءة سلام ’مبعث من الله إلى السيدة خديجة و لمينزل و لن ينزل على أحد برسالة سلام إلاّ هي فقال "يا محمد أقرئ خديجة من اللهالسلام و قل لها أنّ الله ’يبشرك بقصر من اللؤلؤ المجوف في الجنة لا نصب فيه و لا عتب " فيقول لها الرسول ذلك فتقول خديجة الله هو السلام و منه السلام و إليه السلام وعلى جبريل السلام فتموت خديجة فيبكيها الرسول ’بكاءا شديدا و يسمى عامه ذاك بعامالحزن إلاّ أنه لم ينسى خديجة فكلما ’أقيمت الذبائح أول من ’توزع لهم اللحم هن صاحباتخديجة
ومرة دخلت عليه إحدى صاحباتها و قالت له ألا تتزوج يا رسول الله فبكى وقال لها أيوجد بعد خديجة أم للعيال و ربة للبيت فهي التي آمنت بي إذ كذبني الناس وأعطتني إذ حرمني الناس وقد كان يغضب من كل من كان يحاول أن ’ينسيه خديجة حتى و لوكان أقرب الناس إليه فذات مرة رأى رسول الله صديقة خديجة ففرح كثيرا و أخذ يهلللرؤيتها و خرج ليلقاها و أخذ يتذكر معها أيامهما مع خديجة فطالت المدة و هو معها وعندما عاد إلى عائشة سألته عمن تكون المرأة فأجابها أنها صديقة خديجة و كانايتحدثان عنها فقالت له من غيرتها ألم تنسى خديجة و قد أبدلك الله من هي خير منها وتقصد نفسها فغضب الرسول و قال لها لا و الله ما أبدلني الله من هي خير من خديجة ولا أحد مثلها قط فسكتت عائشة و أدركت ما فعلت و تفطنت أنّ الرسول ’يحب خديجة كثيرافمن ذلك اليوم أصبحت كلما تريد التقرب من الرسول تأتي بذكر ’أمنا خديجة التي نحساتجاهها بكثير من الحب