(( الـــــطــِّــيــــن ))
نسي الطين ساعة أنه طين ..حقير فصال تيها و عربد
و كسى الخزّ جسمه فتباهى ، .. و حوى المال كيسه فتمرّد
يا أخي لا تمل بوجهك عنّي ، .. ما أنا فحمة و لا أنت فرقد
أنت لم تصنع الحرير الذي تلبس .. و اللؤلؤ الذي تتقلّد
أنت لا تأكل النضار إذا جعت .. و لا تشرب الجمان المنضّد
أنت في البردة الموشّاة مثلي .. في كسائي الرديم تشقى و تسعد
لك في عالم النهار أماني ، .. وروءى و الظلام فوقك ممتد
و لقلبي كما لقلبك أحلا .. م حسان فإنّه غير جلمد
...
أأماني كلّها من تراب .. و أمانيك كلّها من عسجد ؟
و أمانيّ كلّها للتلاشي .. وأمانيك للخلود المؤكّد ؟!
لا . فهذي و تلك تأتي .. وتمضي كذويها . و أيّ شيء يؤبد ؟
أيّها المزدهي . إذا مسّك الضرّ .. ألا تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟
و إذا راعك الحبيب بهجر .. ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟
أنت مثلي يبش وجهك للنعمى .. و في حالة المصيبة يكمد
أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ .. وبكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟
وابتسامتي السراب لا ريّ فيه ؟ .. و ابتسامتك اللآلي الخرّد ؟
فلك واحد يظلّ كلينا .. حار طرفي به و طرفك أرمد
قمر واحد يطلّ علينا .. وعلى الكوخ و البناء الموطّد
إن يكن مشرقا لعينيك إنّي .. لا أراه من كوّة الكوخ أسود
النجوم الني تراها أراها .. حين تخفي و عندما تتوقّد
لست أدنى على غناك إليها .. وأنا مع خصاصتي لست أبعد
...
أنت مثلي من الثرى و إليه .. فلماذا ، يا صاحبي ، التيه و الصّد
كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو .. حين أغدو شيخا كبيرا أدرد
لست أدري من أين جئت ، و لا ما كنت ، أو ما أكون ، يا صاح ، في غد
أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ .. فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟
...
ألك القصر دونه الحرس الشا .. كي و من حوله الجدار المشيّد
فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا .. فوقه ، و الضباب أن يتلبّد
وانظر النور كيف يدخل لا .. يطلب أذنا ، فما له ليس يطرد ؟
مرقد واحد نصيبك منه .. أفتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟
ذدتني عنه ، و العواصف تعدو .. في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد
بينما الكلب واجد فيه مأوى .. و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد
فسمعت الحياة تضحك منّي .. أترجى ، و منك تأبى و تجحد
...
ألك الروضة الجميلة فيها الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟
فازجر الريح أن تهزّ و تلوي شجر الروض – إنّه يتأوّد
و الجم الماء في الغدير و مره لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد
إنّ طير الأراك ليس يبالي أنت أصغيت أم أنا إن غرّد
و الأزاهير ليس تسخر من فقري ، و لا فيك للغنى تتودّد
...
ألك النهر ؟ إنّه للنسيم الرطب درب و للعصافير مورد
و هو للشهب تستحمّ به في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد
تدعيه فهل بأمرك يجري في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟
كان من قبل أن تجيء ؛ و تمضي و هو باق في الأرض للجزر و المد
...
ألك الحقل ؟ هذه النحل تجي الشهد من زهرة و لا تتردّد
و أرى للنمال ملكا كبيرا قد بنته بالكدح فيه و بالكد
أنت في شرعها دخيل على الحقل و لصّ جنى عليها فأفسد
لو ملكت الحقول في الأرض طرّا لم تكن من فراشة الحقل أسعد
أجميل ؟ ما أنت أبهى من الور دة ذات الشذى و لا أنت أجود