القضية :
القصة ليست قصة حياتي... لقد كتبت هذه القصة من بنيات أفكاري و لكنها واردة و ممكن تحصل لأي كان .
- إعتبــــر انك بعد نهاية السنة الدراسية ... كنت تعمل في احدى المحلات كبائع ... و في يوم ظهور النتائج الدراسة ذهبت في الصباح الباكر إلى المدرسة و تبين انك رسبت و للمرة الثانية و قد تسبب ذلك في طردك من المدرسة نهائيا و كنت انت من القلائل الذين فشلوا حيث ان معظم أصدقاءك و أعداءك نجحوا ... ، عدت إلى البيت محبطا و لم تذهب إلى العمل ... وبعد ان عرف والديك بأمر الدراسة واجها لك رزمة من الشتائم و انت ساكت لا تستطيع ان ترفع عيناك ... :
"تفو عليك"
"شكون لي يصرف عليك درك ... روح عوم بحرك"
"سيادك مين كانو يقروا انت كنت عاطيها لتيليفيزيو و الميكرو"
الخ ...
بعدها ذهبت لـتأخذ حماما و تنعش جسمك بماء بارد ... بعد ان خرجت وجدت رسالة نصية في هاتف النقال من حبيبتك التي تحبها جدا و بكل جوارحك ، فتحت الرسالة و قرأت ... "أرجو ان لا تزعجني بعد الآن انخطبت من فضلك لا تتصل بي بعد الآن".
صُدمت و تجمدت في مكانك انك لا تقدر على الحراك... ساكن... بعدها حاولت الاتصال بها ... و لم تجب ... أعدت الكرة ... و لم تجب ... أعدت الكرة ... وجدت الهاتف مغلق... ماذا ؟ لماذا ؟ ماذا فعلت ؟ أين الخطأ ؟
أين تذهب ... لا مكان ...
تحاول الاتصال بأصدقاءك لتفضفض لهم ... لا أحد يجيب ... الكل مشغول بالفرحة بعد نجاحه في دراسته و لا أحد يريد أن يستمع لتعاستك ... و يقاسمك همومك.
خرجت إلى الشارع بدون أن تتغدى فقد فقدت شهيتك ...
تجول الشوارع الفارغة و الشمس حارقة ...
تعبت و جلست بأحد الأرصفة ... مرّ عليك أحد أصدقاءك القدامى... انه صديق الدراسة ... سلّم عليك و جلس معك و بعد لحظات بدون ان تشعر حكيت لك ما جرى لك ... فقال لك : ما عليك سوى بالخمر : هيا بنا نسكروها ... و بعدها كل شيء سيكون على مايرام و تنسى كل شي...
انا تتردد ثم ترفض لأنك : خاطيك هاذ الصوالح ... و تندم لأنك حكيت له فأنتما لم تعودا صديقان مقربان كما كنتم ... و ربما سيخبر الجميع بأخبارك و يضحكون عليك ...
بعدها صديقك يذهب إلى بيته ويقولك : أيا مباعد نتلاقوا ... و انت تعرف و هو يعرف انكما لن تتلاقوا مباعد ... انها مجرد عبارة لإنهاء الحوار و الانصراف...
يأذن الظهر ... و انت جالس في مكانك لأنك لم تصلي منذ فترة ... أنت تعرف في داخلك أنك ابتعدت عن الله ... و لكنك تدعوا الله ان يعيد لك حبيبتك ...
مازلت جالسا ... تذهب تتمشى ثم تعود إلى نفس المكان ...
انها 3 زوالا : و انت في الشارع ... و لا أحد سأل عنك ... هاتفك لم يرن ولا مرة ... و لا حتى عائلتك اتصلوا بك ...
انت لا تفكر في شيء فقط جالس و هائم ... ثم تتذكر بعض ماعشته مع حبيبتك ... و بعض من كلامها... و حكاياتها ... و جمالها ... و حركاتها ...
تنظر إلى الناس منشغلون بأمورهم ... هذا رجل مار ... و هذه سيارة مارة ... قط فوق جانب أحد سطوح ... حمامة فوق مسجد ... القمامة في أحد جوانب الطريق ... الذباب يحوم حولك ... شيخ جالس ليس ببعيد عنك ...الخ...
ثم تنهض لتذهب إلى البيت و انت ذاهب تكاد تصدمك سيارة لانك شارد الذهن ولم تنتبه لها ... تتلقى اتصالا هاتفيا من صاحب المحل الذي تديره :
أه تذكرت انك لم تذهب إلى العمل اليوم و المحل مغلق ولا احد يفتحه غيرك و صاحب المحل راه يتسبّب عليك و حذرك أكثر من مرة....
ترفد عليه ...
يقول لك : مدابيك ماتزيدش تجي عندي راك مطرود ...
لم تتفوه بأي كلمة ... و مع ذلك لم يهمك الأمر كثيرا ... فهناك ما يشغل بالك ...
تحاول الاتصال مرة أخرى بحبيبتك ...
انه يرن و لكنها لا ترد ...
تكرر الامر 12 مرة ... 16 مرة ... 21 مرة ... و في المرة الرابعة و العشرون تجيب... بعد ان سأمت منك :
ماذا تريد ؟ ... ألا تفهم ؟ روح بعدني ؟ و تقطع في وجهك ...
تعيد الاتصال بها ...
تجيب عليك اختها الكبرى ... و تبدا تشتمك ... انها حزمة من السب و الشتم و القذف ...
انت ما تسواش ... انت رخيص ...الخ ...
ترد عليها ... و تشتمها انت أيضا ... ثم تقطع عليك ...
انت لحد الآن لم تستوعب ما الذي حدث ...
ما الذي غيرها ...
آخر مرة التقيت بها كانت قبل ثلاثة أيام ... كنتما معا تضحكان و مستمتعان بوقتكما معا ... اذا أين الخلل ؟ ...
تقول في خاطرك :
هل لأنني لست غنيا ؟ ... هل مظهري ليس جميل ... انا بشع ... شعري حرش ... أنفي كذا ...الخ ...
و تدخل في دوامة من السلبيات ...
مازلت في طريق عودتك إلى البيت ... التقيت بصديقك ... يقول لك : انه رأى بالأمس حبيبتك مع أحد غيرك ... في الطريق و مشبكين ايديهما مع بعض و يضحكان معا ...
فقدت عقلك ... جلست بالرصيف ... بطنك يألمك ... انت لا تريد ان تظهر ضعفك امام صديقك ... فتقول له : ... نورمال ...ماعلاباليش بها... و لكنك تتقطع من الداخل ...
ذهب صديقك ...
و رن هاتفك ...
... انه رقم جديد ...
تقول من هذا ... تتمنى لو انها حبيبتك ...
المتصل هو صديق قديم الذي ناذرا ما تتحدث إليه ...
ماذا يريد ؟ ... من وين جاب رقمك ؟ ... يقول لك :
سلام ... لدي خبر سيء ... لقد توفي صديقنا فلان في حادث مرور اثناء عودته إلى المدينة ...
الله أكبر ...
لقد كان ذات يوم أفضل صديق لك انه صديقك المقرب فقط الدراسة فرّقت بينكما قليلا فقد كان يدرس في مدينة بعيدة ...
ماذا تفعل ؟ ... تذهب إلى بيت الفقيد ... تساعدهم ... حتى 6 مساءا ...
بعدها تعود إلى البيت ... لتغير ملابسك لأنك تعرّقت كثيرا من الشمس فطوال النهار و انت في الشارع و من الزحمة في بيت صديقك المتوفي ... انت لم تأكل ولا شيء فقط شربت قليل من الماء في المأتم و لم يكن حتى باردا ... انك تشعر بالجوع و لكنك لا تريد ان تأكل فلست في مزاج يسمح لك بالجلوس للأكل...
قررت العودة إلى بيت التعزية للقيام بالواجب ...
اثناء عودتك مسرعا تصدم أحد المارة بيدك من دون قصد ... فيحصل شجار ... انه مع صديقيه ... تحصل المشادة يخرج لك سكين ... و لكنك نجوت بعد تدخل المارة و فكوا النزاع ...
تعود للبيت لتغسل وجهك و تكمد بعض الجروح ...
تأتيي أمك و تضمك بحنان ... تحاول ان تحكي لها ... و لكنها لا تفهمك ... فسرعان ما تبدأ بلومك... : لوكان قريت يا ولدي ... اخدم و دير دراهم ... و تخرج لك من الموضوع ...
تذهب و تجلس بعيدا... تغلق باب غرفتك ...
تقلّب في التلفاز و لا شيء يصلح للمشاهدة ... أكثر من 300 قناة و لا شيء ينسيك و لو بعضا من الوقت من معاناتك ...
انه وقت العشاء ...
يدخل والد ولا يتكلم معك و لا حتى ينظر إليك ...
انه يسأل عن أخوك ... الذي هو أيضا لم يعد إلى البيت منذ الصباح ...
امك قلقة عليه ... بدأت تذهب بعيدا بتخيلاتها ...
بلاك ضرباته سيارة ... بلاك قتلوه و رماوه في مكان بعيد ...
من كثرة كلامها اصبحت انت أيضا قلق ...
تذكرت كم أضعت الكثير من الوقت و لم تستمتع به مع اخوك بل مع أفراد عائلتك كلهم و لم تشعر بدفء و حنان و الجو العائلي منذ ان كنت طفلا ...
دخل أخوك إلى البيت ... و بدأ والدك بالصراخ عليه ... لم تستطع ان تتحمل كل هذه الفوضى في البيت ... ذهب إلى أبعد نقطة عن الصراخ في البيت ...
بعد العشاء مازلت تشعر بالجوع لأنك أكلت القليل فقط و فقدت شهيتك رغم احساسك بالجوع ... نظرت من النافذة المطلة على الشارع و رأيت أصدقاءك مع بعضهم مجتمعين من بعيد ...
اتصلت بأحدهم و لكن لم يجب ... اتصلت بأخر فرد عليك : قلت له : أين أنت ؟ فقال لك أنه في البيت ... سألته عن الجماعة أين هم ؟ فقال لك : لا أعلم . بعد انتهاء المكالمة .
فهمت انهم لا يريدونك معهم ...
تنهدت تنهيدة المحطم ... لا زلت تفكر في حبيبتك ... اتصلت بها و اخفيت رقمك #31#
ووجدت ان رقمها مشغول ... "لا استطيع ان اعيش بدونها" ... تسمع الكثير من الاشخاص يقولون هذه العبارة كثيرا ... و لكنك لأول مرة تحس بمعناها كلمة كلمة و حرفا حرفا ... نعم انك لا تستطيع ان تعيش بدونها ... لقد أصبح العالم مظلما ... اتصلت بصديقتها ... لتستفسر عن الحكاية ... و لكن سرعان ما انقطعت المكالمة لأنه فرغ حسابك و لا يوجد لديك المال الكافي لإعادة شحن حساب هاتفك ...
انت تكاد تجن لقد انهار عالمك في يوم واحد ...
فشلت في دراستك
و انفصلت عن حبيبتك أو بالأحرى ليكيداتك
طُردت من عملك
فقدت أحد أصدقاءك إلى الأبد
فوضى في البيت
مشاجرة في الشارع
أصدقاءك لا يحبونك
الخ ...
انت مفلس ... و وحيد ... و منبوذ ... فقدت الشهية ... لا تستطيع ان تنام ... لا تثق في نفسك ...
ما الذي تفعله اذن ؟ هل تنتحر ؟ هل تلجأ إلى الخمر ؟ ... هل ... ؟ هل ... ؟ هل ... ؟
أين المفر ... لا يوجد حتى من تحكي له ...
انتهت القصة.