التحديات
أتحدى من إلى عينيك ياسيدتي قد سبقوني
يحملون الشمس في راحتهم وعقود الياسمين
أتحدى كل من عاشرتهم من مجانين
وأطفال و مفقودين في بحر الحنين
أن يحبوكِ بأسلوبي وطيشي وجنوني
أتحداك أنا أن تجدي وطن مثل فمي
وسرير دافئ مثل عيوني
إنني اسكن في الحب فما من قبلة أخذت
أو أعطيت ليس لي فيها حلول أو قبول
فأقرئي أقدم أوراق الهوى
تجديني دائماً بين السطور
أتحدى كل عشاقك يا سيدتي
أتحداهم جميعاً أن يخطو لك مكتوب هوى
كمكاتيب غرامي أو يجيؤكِ على كثرتهم
بحروف كحروفي وكلام ككلامي
أتحداهم جميعاً أن يكونوا
قطرة صغرى ببحري
أو يكونوا أطفئو أعمارهم
مثلما أطفأت في عينيك عمري
أتحداكِ أنا أن تجدي عاشق مثلي
وعصراً ذهبي مثل عصري
فرحلي حيث تردين واضحكي وابكي
فأنا اعرف أن لن تجدي موطن
فيه تلميذٌ كصدري
نزار قباني- رسائل لم تكتب لها ..
مزقيها..
كتبي الفارغة الجوفاء إن تستلميها..
والعنيني .. والعنيها
كاذبا كنت .. وحبي لك دعوى أدعيها
إنني أكتب للهو.. فلا تعتقدي ما جاء فيها
فأنا - كاتبها المهووس - لا أذكره
ما جاء فيها ..
اقذفيها ..
اقذفي تلك الرسالات .. بسل المهملات
واحذري..
أن تقعي في الشرك المخبوء بين الكلمات
فأنا نفسي لا أدرك معنى كلماتي
فكري تغلي..
ولا بد لطوفان ظنوني من قناة
أرسم الحرف
كما يمشي مريض في سبات
فإذا سودت في الليل تلال الصفحات
فلأن الحرف، هذا الحرف جزء من حياتي
ولأني رحلة سوداء في موج الدواة
أتلفيها ..
وادفني كل رسالاتي بأحشاء الوقود
واحذري أن تخطئي..
أن تقرئي يوما بريدي
فأنا نفسي لا أذكر ما يحوي بريدي!..
وكتاباتي،
وأفكاري،
وزعمي،
ووعودي،
لم تكن شيئا ، فحبي لك جزء من شرودي
فأنا أكتب كالسكران
لا أدري اتجاهي وحدودي
أتلهي بك، بالكلمة ، تمتص وريدي
فحياتي كلها..
شوق إلى حرف جديد
ووجود الحرف من أبسط حاجات وجودي
هل عرفت الآن ما معنى بريدي؟
---------------
من ديوان " قصائد " - 1956------
الـــــقــــــرار
كلمات / نزار قباني
إني عشقتك.... واتخذت قراري
فلمن أقدم....يا تري _ أعذاري
لا سلطة في الُحب. ..تعلو ُسلطتي
فالرأي رأيي .....والخيار خــــيا ري
هذي أحاسيسي ..فلا تتدخلي
أرجوك , بين البحر والبحار....
ظلي علي أرض الحياد ...فإ نني
سأزيد إصرارآ علي إصرارِ
ماذا أخافُ ؟أنا الشرائع كلها
وأنا المحيط ....وأنت من أنهاري
وأنا النساء , جعلتهن خواتمآ
بأصابعي ... .و كواكبا بمداري
خليك صامتة . .ولا تتكلمي
فانا أدير مع النساء حواري
وأنا الذي أعطي مراسيم الهوي
للواقفات أمام باب مزاري
و أنا أرتب دولتي ...وخرائطي
وأنا الذي أختار أختار لون بحاري
وأنا أقرر من سيدخل جنتي
و أنا أقرر من سيدخل ناري
أنا في الهوي متحكم ..متسلط
في كل عشق نكهة استعمار
فاستسلمي لا رادتي ومشيئتي
واستقبلي بطفولة أمطاري....
إن كان عندي ما اقول ....فإنني
سأقولة للواحد القهار....
عيناك وحدهما هما شرعيتي
ومراكبي , وصديقتا أسفاري
إن كان لي وطن .. فوجهك موطني
أو كان لي دار ..فحبك داري
من ذا يحاسبني عليك .وأنت لي
هبة السماء ..ونعمة الأقدار..؟
منمن ذا يحاسبني علي ما في دمي
من لؤلؤ ...وزمردٍ.. .ومحار..؟
أينا قشون الديك في الوانة...؟
وشقائق النعمان في نوار....؟
يا أنت ..يا سلطانتي , وملكتي
يا كوكبي البحر....يا عشتا ري ....
إني أحبك ...دون أي تحفظ
وأعيش فيك ولا دتي .ودماري
إني اقترفتك ... عامد ا متعمدا
إن كنت عارا ..يا لروعة عاري
ماذا أخاف ؟ ومن أخافُ ؟ أنا الذي
نام الزمان علي صدي اوتاري
وأنا مفاتيح القصيدة في يدي
من قبل بشار.. .ومن مهيار
وأنا جعلت الشعر خبزا ساخنا
وجعلتةُ ثمرا علي الأشجار
سافرتُ في بحر النساء..ولم أزل
من يومها مقطوعة أخباري....
يا غابة تمشي علي أقدامها
وترشني بقرنفل وبهار
شفتاك تشتعلان مثل فضيحة
وعلاقتي بهما تظل حميمة
كعلاقة الثوار بالثوار
فتشرفي بهواي كل دقيقة
وتباركي بجداولي وبذاري
أنا جيد جدا إذا أحببتني
فتعلمي أن تفهمي أطواري
من ذا يقاضيني ؟ وأنت قضيتي
ورفيف أحلامي , وضوء نهاري
من ذا يهددني ؟ وأنت حضارتي
وثقافتي , وكتابتي , ومناري
إني استقلت من القبائل كلها
وتركت خلفي خيمتي و غُباري
هم يرفضون طفولتي ...ونبوءتي
وأنا رفضت مدائن الفخار....
كل القبائل لا تريد نساءها
أن يكتشفن الحب في أشعاري
كل السلاطين الدين عرفتهم....
قطعوا يدي , وصادروا أشعاري
لكنني قاتلتهم . ....وقتلتهم
ومررت بالتاريخ كالإعصار
أسقطت بالكلمات ألف خليفة
وحفرت بالكلمات ألف جدار....
أصغيرتي إن السفينة أبحرت
فتكومي كحمامة بجواري
ما عاد ينفعك البكاء ولا الأسي
فلقد عشقتك ....واتخذت قراري
نحو صحبه فى زمن الغربه
إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل
عليك بتقوى الله ان كنت غافلا ... يأتيك بالارزاق من حيث لا تدرى
فكيف تخاف الفقر والله رازقا ... ..فقد رزق الطير والحوت فى البحر
ومن ظن ان الرزق يأتى بالقوة ... ما أكل العصفور شيئا مع النسر
تزول من الدنيا كأنك لاتدرى أن... جن عليك الليل هل تعيش الى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة ... وكم سقيم عاش حيناً من الدهر
وكم من فتى امسى وأصبح ضاحكا ... وكفانة فى الغيب تنسج وهو لايدرى
ومن عاش ألفاً او الفين ... فلابد من يوم يسير الى القبر